أولاً :- رؤيتنا
استطاعت ثورة الشعب المصري أن تحقق انتصاراً تاريخياً بالإطاحة برأس النظام الذي ظل جاسماً فوق جثث المصريين لمدة 30 عاماً ، وقد ترتب على هذا الانتصار تحقيق عدة مكاسب أهمها إفشال مشروع توريث السلطة لجمال مبارك ، وحل مجلسي الشعب والشورى القائمين على انتخابات مزورة ، وإقالة عدد لا بأس به من رجال السلطة الفاسدين في عهد مبارك ، وتلقين جهاز الشرطة درساً لن ينساه أبداً على يد أبناء الشعب المصري البواسل الذين تصدوا للرصاص الحي بصدورهم العارية، وغيرها من المكاسب الأخرى .....ولكن يبقى السؤال وهو هل كانت هذه المكاسب هي كل طموحات الشعب المصري من ثورة 25 يناير ؟ هل كانت هذه المكاسب هي فقط أحلام من دفعوا دمائهم وضحوا بأرواحهم من أجل أن يعيش الشعب المصري حياة حرة وكريمة ؟
سنجد من يقول انه علينا أن نعمل على إتاحة الفرصة للسلطة الحالية لان تجرى الإصلاحات المطلوبة وتحقق المطالب المبتغاة ، وسنجد من يقول أيضاً أنه على العمال والموظفين أن يكفوا عن الاضرابات والاعتصامات حتى لا تسود الفوضى في البلاد ، وسنسمع الكثير من التوجهات التي تريد أن تكبل الثورة وتوقفها عن هذه الحدود ، وفى ذات الوقت تهلل للمجلس الأعلى للقوات المسلحة وكأنه هو الذي صنع الثورة وليس الملايين من أبناء الشعب المصري .
سنجد من يرحب بقرار الحكومة برفع حوافز رجال الشرطة بنسبة 100 % بعد خروجهم في مظاهرات أمام وزارة الداخلية في ذات الوقت الذي يدين فيه احتجاجات العمال والموظفين الذين يطالبون بأجر عادل ونقابات مستقلة بدعوى أنها سوف تؤدى إلى انهيار الاقتصاد .
إن الضامن الوحيد لتحقيق مطالب الشعب هو الشعب ذاته وليس مجلس القوات المسلحة أو من يتحدثون كذباً باسم الثورة ، مع التأكيد على أن من رحل هو رأس النظام فقط ، أما النظام ذاته بمؤسساته الفاسدة لا يزال قائماً ، فوزير الدفاع الذي ظل ملازماً لحكم مبارك لأكثر من عشرين عاماً أصبح هو احد أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم البلاد .
إن أزمة المجتمع المصري لا يمكن اختزالها في حالة الطوارىء وتزوير الانتخابات والدستور المعيب وبطش الشرطة فقط ، فتلك ما هي إلا أدوات لحماية مصالح رجال الأعمال الذين كان يمثلهم مبارك في الحكم ، حتى تستطيع الأقلية الحاكمة من الأغنياء وأصحاب المال والسلطة القيام بعمليات النهب المنظم لثروات الشعب المصري ، ومبارك لم يكن ديكتاتوراً لأنه مريض نفسياً ، بل كان كذلك لان الديكتاتورية هي الطريق الأسهل لتأمين مصالح الأقلية الغنية ضد ملايين الأفواه الجائعة التي لا تجد قوت يومها ، وبالتالي فان المطالب الديمقراطية التي تنادى القوى السياسية بتحقيقها على الرغم من أهميتها إلا أنها ليست كافية ، فطموحات الشعب المصري في حياة حرة وكريمة تعنى أن يكون هناك توزيع عادل للثروة ، وألا يكون هناك احتكار لصناعات معينة ، وان توجه الدولة الاقتصاد للخدمات الاجتماعية " كالتعليم والصحة والمرافق وتشغيل البطالة وغيرها " ، وألا تكون هناك الآلاف الوحدات السكنية مغلقة في المدن الجديدة في حين يعجز أبناء الشعب المصري عن الحصول على غرفة بأربعة جدران ، وأن تكون هناك عدالة فى توزيع الخدمات بين الاحياء والمحافظات وأن يكون هناك حد أدنى للأجور يتناسب مع أسعار السلع والخدمات ، وحد أعلى للأجور يضمن عدم تكريس الثروة لحساب أقلية من رجال الدولة والأعمال الفاسدين ، أن يكون من حق المواطنين في كل حي وفى كل شارع تكوين تنظيماتهم المستقلة للدفاع عن حقوقهم ، أن يكون هناك موقفاً حازماً من آلة القتل الصهيونية التي تحصد أرواح أهالينا في فلسطين ، وهذه مجرد خطوط عريضة للحد الأدنى من المطالب التي يمكن تحقيقها ، والتي لا يحتاج تحقيقها إلى وقت طويل - على عكس ما يدعى بعض راكبي موجة الثورة - بشرط توافر الإرادة لتحقيقها من جانب الدولة من ناحية ، ومن ناحية أخرى الحفاظ على حالة التأهب الشعبي موجودة لوقت طويل لضمان عدم الالتفاف على مطالب الثورة أو اختزالها في مجموعة إصلاحات ديمقراطية ، فلولا الملايين التي خرجت في شوارع مصر وميادينها ودفعت ثمن الحرية من دمائها ما كان مبارك ليرحل ، وما كان ليتم حل مجلسي الشعب والشورى ، ومالم تكن الجماهير مستعدة للخروج مرات أخرى للمطالبة بحقوقها سيكتفي النظام بإلقاء الفتات لنا فيما يستمتع رجاله بالكعكة كاملةً ، وانطلاقاً من ذلك ينبغي علينا تنظيم صفوفنا في المحافظات والأحياء الشعبية والمصانع والنقابات المهنية والعمالية والجامعات ، من أجل استكمال مسيرة النضال حتى تتحقق باقي مطالبنا المشروعة ، وفى هذا السياق ظهرت فكرة " لجان الدفاع عن الثورة " التي تم تشكيلها بالفعل في عدد من الأحياء الشعبية والمحافظات لتكون منبراً لكل من يريد استكمال النضال ضد ما تبقى من نظام مبارك ، وأداة لتوحيد جهودناً من أجل حماية ثورتنا ضد كل من يحاولون سرقتها أو الالتفاف على مطالبها .
ثانياً :- كيف تعمل لجان الدفاع عن الثورة .
من واقع التحركات التي شهدتها الأحياء التي تشكلت فيها هذه اللجان ، اقترح أعضائها من أبناء هذه الأحياء مجالات عديدة للنشاط ، منها على سبيل المثال حصر أسماء ضباط الشرطة العاملين في الأقسام التي تتبعها هذه الأحياء والمتورطون في تعذيب المواطنين واحتجازهم بدون وجه حق والمطالبة بمحاكمتهم ، وكذلك حصر أسماء المسئولين الفاسدين في المحافظة أو الحي لنفس الهدف ، كما اقترح في مكان أخر أن تكون هذه اللجان نواة لتشكيل سلطة رقابية شعبية يمكنها ملاحقة الفاسدين في المجالات المختلفة وفضحهم ، وكذلك الالتفاف حول مرشحين شعبيين معينين لانتخابات المجالس المحلية والبرلمان المقبلة ، والتضامن مع الاحتجاجات العمالية ومحاولة ربط ما يحدث في المصانع والشركات بما يحدث في الشارع والحي ، وعمل نشرات ومجلات تخاطب اهالى الأحياء والمناطق وتعبر عن همومهم اليومية ، وتخلق أوسع مشاركة شعبية ممكنة في صناعة القرارات الحكومية التي تؤثر على حياة المواطنين ، وربط المطالب التي تخص كل حي أو محافظة على حدة بالمطالب العامة التي تخص جموع المصريين ، وغيرها الكثير من الاقتراحات التي يطرحها زملاؤنا الذين بدئوا بالفعل في تشكيل هذه اللجان .
بالطبع هناك ضرورة لان تقوم اللجان المختلفة بالتنسيق مع بعضها البعض لتوحيد المطالب والشعارات وتنظيم الصفوف خلال المرحلة المقبلة ، وقد اقترح أن يكون هناك ممثل لكل لجنة يتم انتخابه من أعضائها لتفعيل هذا التنسيق .
عاش كفاح الشعب المصري
المجد للشهداء ....النصر للثورة